في خطوة وُصفت بالنقلة النوعية في مسار الصناعة الوطنية، أعلنت شركة “أورانيكست” URANEXT، التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط والمملوكة للدولة، عن إطلاق مشروع ضخم لاستخراج اليورانيوم من الفوسفاط قرب الجرف الأصفر، باستثمار قدره 100 مليون دولار.
ويأتي هذا المشروع الطموح في ظل تسارع المتغيرات الجيوسياسية التي أرخت بظلالها على سوق الموارد الاستراتيجية عالمياً، ليعكس توجهًا مغربيًا واضحًا نحو تعزيز السيادة الطاقية واستثمار الثروات الوطنية بكفاءة عالية.
مشروع برؤية مغربية 100%
ما يُميز هذا المشروع ليس فقط حجمه الاستثماري أو حساسيته النووية، بل كونه ثمرة مجهود مغربي خالص من حيث التمويل والموارد البشرية، حيث تم تطويره بمساهمة مهندسين وتقنيين وخبراء مغاربة، وبدعم علمي مباشر من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بنكرير. وقد لعبت هذه الأخيرة دورًا محوريًا في تطوير التقنيات المرتبطة باستخراج اليورانيوم من حمض الفوسفوريك.
الفوسفاط المغربي: من سماد إلى طاقة نووية
لطالما احتُسب المغرب من بين اللاعبين الكبار في صناعة الفوسفاط عالميًا، لكنه اليوم يدخل مرحلة جديدة كليًا بإدخال عنصر اليورانيوم إلى المعادلة. هذا العنصر أصبح يحظى بأهمية استراتيجية متزايدة مع العودة العالمية للطاقة النووية كخيار بديل ومستدام لتوليد الطاقة الكهربائية.
المعطيات الجيولوجية تشير إلى أن الفوسفاط المغربي يحتوي على كميات مهمة من اليورانيوم القابل للاستخلاص، ما يفتح أمام المغرب آفاقًا واسعة ليصبح فاعلًا محوريًا في سوق الطاقة النووية السلمية خلال السنوات القادمة.
أمن طاقي واستقلالية استراتيجية
المبادرة ليست مجرد استثمار صناعي، بل خطوة استراتيجية في مسار بناء نموذج اقتصادي مرن واستباقي، يراهن على البحث العلمي، والكفاءات الوطنية، والتكامل الصناعي. كما تأتي في سياق التحولات الدولية التي تدفع باتجاه تنويع مصادر الطاقة وتجنب التبعية لمناطق النزاع.
نحو ريادة إفريقية وعربية في التكنولوجيا النووية
من خلال هذا المشروع، لا يكتفي المغرب باستغلال مورد طبيعي جديد، بل يدخل نادي الدول التي تمتلك تكنولوجيا استخلاص اليورانيوم من الفوسفاط، ما يؤهله لتبوء مكانة رائدة في مجال الطاقة المستقبلية على الصعيدين الإفريقي والعربي.
