تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، وفي إطار انخراط الجامعة المغربية في ترسيخ قيم المواطنة والبحث العلمي في القضايا الوطنية الكبرى، نظمت الكلية متعددة التخصصات ببني ملال يوما دراسيا وعلميا بعنوان:
“مسارات التحول في تاريخ القضية الوطنية: من المسيرة الخضراء إلى التكريس الأممي لمغربية الصحراء”.
وقد شكّل هذا اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على التحولات السياسية والتاريخية والقانونية التي عرفها ملف الصحراء المغربية، منذ انطلاق ملحمة المسيرة الخضراء إلى غاية الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
كما جمع هذا الحدث الأكاديمي بين التحليل الرصين والبعد الرمزي الوطني، في محاولة لتقاطع الرؤية الجامعية مع الخبرة الميدانية والشهادات الوطنية التي تؤرخ للذاكرة الجماعية المشتركة.
وقد تم خلال اللقاء تقديم مداخلات أكاديمية رصدت تطور مسار القضية الوطنية، بدءا من مرحلة المطالبة بتحرير الأقاليم الجنوبية، وصولا إلى ترسيخ المغرب مشروع الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي في ضوء قرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار رقم 2797.
كما عرف عرض شهادات ذات بعد تاريخي ووطني، إضافة إلى مداخلات تناولت التنمية الجهوية بالأقاليم الجنوبية، ودور الطرق الصوفية في صيانة الوحدة الترابية، والتحول من الشرعية التاريخية إلى الشرعية التنموية.
وقد شكّلت لحظة تكريم المراقب العام للأمن الوطني المتقاعد، علي ماء العينين، إحدى أقوى اللحظات الرمزية في هذا اليوم الدراسي، إذ خصصت الكلية هذا التكريم تقديرا لمساره الوطني الحافل، باعتباره أحد أبرز أعيان الأقاليم الجنوبية، ومقاوما وعضوا في جيش التحرير، وأحد الطلائع الأولى التي شاركت في المسيرة الخضراء.
قد تم خلال هذا التكريم استعراض المسار المهني للمراقب العام علي ماء العينين الممتد على أربعة عقود من خدمة أمن الوطن والمواطنين، حيث وُلد سنة 1938 بمدينة كلميم، والتحق بجهاز الأمن الوطني سنة 1958، ليبدأ مسارا استثنائيا تميز بكفاءة مهنية عالية وروح وطنية راسخة.
وقد بدأ الإطار الامني المتقاعد عمله ضمن فرقة التدخل المتنقلة، قبل أن يُنقل إلى مدينة كلميم ضمن الفرقة الصحراوية التي كانت تغطي نطاقا جغرافيا واسعا كان يمتد من طاطا إلى طرفاية.وبعد مشاركته ضمن طلائع المسيرة الخضراء، نُقل رفقة مجموعته إلى مدينة العيون قبل العودة إلى كلميم، وتولى لاحقا عدة مناصب قيادية، من أهمها: رئيس مفوضية الأمن بطانطان، رئيس مفوضية الأمن بكلميم، وعميد مركزي بمدينة أكادير، ثم رئيسا للأمن الإقليمي بتيزنيت، مشرفا على أمن أقاليم تيزنيت وطاطا وآسا وكلميم وطانطان.
وخلال مساره المهني، حاز المراقب العام علي ماء العينين عدة أوسمة ملكية، من بينها: وسام الرضى من درجة فارس ووسام المسيرة الخضراء، قبل أن يختتم مسيرته المهنية بعد 40 سنة من العطاء المستمر، متقاعدا برتبة مراقب عام للأمن الوطني.
ويُعتبر علي ماء العينين من الشخصيات الوطنية التي عايشت عن قرب أهم المحطات التاريخية المرتبطة بقضية الصحراء المغربية، وأسهمت بخبرة ميدانية كبيرة في دعم مسار الوحدة الترابية ومشروع الحكم الذاتي.
